وقوله تعالى “واسجد واقترب” يحتمل أن يكون هذا خطاباً للنبيّ
الحمدلله تعالىأيها الموحد منزه الله تعالى عن الشبيه والنظير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير،إن استدلّ عليك مشبه مجسم وثني يعتقد في الله التحيز والمكان بحديث الجارية المضطرب وفيه لفظ “أين الله، قالت في السماء”، تردّه إلى الأصل وهو القرآن الكريم وفيه قوله تعالى في سورة العلق الآية 19: “كلا لا تطعه واسجد واقترب”، قال الإمام أبو منصور الماتريدي (توفي سنة 330 هـ.) وهو من أئمة السلف الصالح في تفسيره ما نصه:”وقوله تعالى “واسجد واقترب” يحتمل أن يكون هذا خطاباً للنبيّ، أي صلّ واقترب إلى الله..، وعلى التأويل الظاهر الآية حجة لنا على أهل التشبيه، فإنه لم يفهم من قوله واقترب القرب من حيث المكان وقرب الذات، ولكن قرب المنزلة والقدر. وكذلك ما ذكر في بعض الأخبار من تقرّب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً ونحو ذلك، لا يفهم منه قرب الذات ولكن قرب المنزلة والقدر بالإجابة، وكذلك جميع ما ذكر في القرآن من القرب قرب المنزلة والقدر. اهـ.وهو كلام الإمام أبي حنيفة (150 هـ.) رضي الله عنه في الفقه الأكبر قال: “وليس قرب الله تعالى ولا بُعده من طريق طول المسافة وقصرها..، ولكن المطيع قريب منه بلا كيف والعاصي بعيد عنه بلا كيف”.وهذا دليل على ان لفظ “أين الله” إن صحّ عند من رواه لا يجوز أن يحمل على ظاهره إجماعاً كما قال النووي في شرح مسلم، لأن محكم القرآن يردّ اعتقاد أن الله في السماء بذاته، ومن لم يُجز التأويل في حديث من أحاديث الآحاد لا تثبت به عقيدة، كان ذلك دليلاً ضده إذ لا يجوز على أصله الفاسد تأويل ما يناقض حديث جارية من ظاهر القرآن، وهذا فساد عريض، ويردّه آية محكمة وسنة ثابتة وإجماع متقدم مأخوذ من القرآن “قل الله خالق كل شيء” والمكان شيء مخلوق لم يستثنه الله تعالى، وحديث ثابت في البخاري “كان الله ولم يكن شيء غيره”، وإجماع على نفي المكان عن الله تعالى نقله عن أئمة السلف الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيدته قال “ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات” فسبحان الله العظيم الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، دعاكم أرجو