لو أن الله جل ثناؤه عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم
روى الحافظ البيهقي عن سيدنا أبيّ بن كعب الأنصاري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لو أن الله جل ثناؤه عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم، ولو أنفقت مثل جبل أحد ذهباً في سبيل الله ما تقبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا دخلت النار”، ومثل ذلك قال ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وحدث به زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم”.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري: “وقد أخرج أحمد وأبو يعلى من طريق أيوب بن زياد عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت حدثني أبي قال: دخلت على عبادة وهو مريض فقلت أوصني، فقال رضي الله عنه (لابنه يوصيه): إنك لن تطعم طعم الإيمان ولن تبلغ حقيقة العلم بالله حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، وهو أن تعلم أن ما أخطاك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك.. الحديث وفيه “وإن مت ولست على ذلك دخلت النار”، وأخرجه الطبراني من وجه آخر بسند حسن عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء مرفوعاً مقتصراً على قوله “إن العبد لا يبلغ حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه”.. وفي الحديث أن الأقدار غالبة والعاقبة غائبة فلا ينبغي لأحد أن يغترّ بظاهر الحال، ومن ثم شرع الدعاء بالثبات على الدين وبحسن الخاتمة”.
قال البيهقي: “و في ذلك بيان أن المراد بالحديث الأول أن كلّ مقدور فالله قادره وأن الخير والشرّ وإن كانا ضدين، فإن قادرهما واحد (وهو الله وحده لا شريك له) وليس قادر الشر غير قادر الخير.. فإذا ثبت أن الإيمان بالقدر شعبة من شعب الإيمان، فقد دل الكتاب ثم السنة على أن الله تعالى علم في الأزل ما يكون من عباده من خير وشر، ثم أمر القلم فجرى في اللوح المحفوظ بما علم قال الله تعالى: “وكل شيء أحصيناه في إمام مبين”، اهـ. كلام البيهقي، ومعنى الآية أن كل شيء يحصل في الدنيا بتفاصيله وفي الآخرة إجمالاً لا تفصيلاً مذكور في اللوح الحفوظ، الله يحفظنا ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعاكم لمن ينشرها حفظكم الله، جمعة مباركة لنا جميعاً ولأهلنا وذريتنا جعلنا الله من عباده الصالحين وفرج كرباتنا وكربات امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، آمين