كما لا نقول إن كلام الله خالق كذلك لا نقول كلام الله مخلوق
الحمد لله تعالى وحده لا شريك له
فائدة في كلام الله تعالى: قال الله تعالى: “وكلّم الله موسى تكليمًا” (سورة النساء، الآية 164)، سيدنا موسى نبيّ الله تعالى ورسوله، وهو عليه السلام مسلم موحّد مثل سائر النبيّين، سيدنا موسى لم يدع الناس إلى دين اليهود كذلك سيدنا عيسى المسيح لم يدع الناس إلى دين النصارى، كلّ الأنبياء دعوا إلى كلمة التوحيد لا إله إلا الله، وأول أنبياء الله تعالى هو سيدنا آدم عليه السلام وخاتمهم سيدنا محمد عليهم جميعاً الصلاة والسلام، سيدنا موسى كان يدعو الناس إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن موسى رسول الله، الله خص سيدنا موسى عليه السلام بمعجزة عظيمة لما له من المنزلة عند الله، الله تعالى أزال عن سمعه الحجاب الذي يكون على الأسماع فجعله قادراً على سماع كلامه تعالى الذي هو صفة ثابتة لله تعالى، واعتقاد أهل السنة والجماعة أن كلام الله تعالى ليس حرفاً ولا صوتاً ولا هو لغة من اللغات، كلام الله صفته بلا كيف، ليس كلام الله الذاتي الأزلي الأبدي مبتدأ ولا مختتماً ولا هو متسلسل ولا متعاقب، كلام الله لا يدخل تحت التصوّر والوهم، كلام الله أزلي أبدي ليس له أول ولا آخر، ولا نقول كلام الله متسلسل ولا متعاقب، ثم كما لا نقول إن كلام الله خالق كذلك لا نقول كلام الله مخلوق، ولكن نقول إن الله تعالى موصوف بصفة الكلام لأن الله أثبتها في القرآن، ولكن بما أن الله وصف نفسه فقال “ليس كمثله شيء” نقول إن صفات الله تعالى لا تشبه صفات المخلوقات، لذلك الله تعالى يتـنزه عن الحرف والصوت لأنهما صفة المخلوق، كلام الله تعالى صفته ليس حرفاً ولا صوتاً، ولكن يعبّر عنه بالحرف والصوت والكتابة، فإن كان بالعربية سُـمّي قرآناً وهو الفرقان الذي نزل به جبريل عليه السلام على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كما لو قلنا أو كتبنا لفظ “الله” في ورقة أو على حائط كان اللفظ دالاً على المعبود بحق لا إله إلا هو خالق كل شيء سبحانه، لا أن الله عز وجل حلّ في هذه الورقة أو دخل في هذا الحائط، فنحن نعبد الله تعالى ولا نعبد حائطاً ولا ورقة.
وتقريب ذلك إلى الأذهان أننا لو كتبنا على لوح خشب كلمة “النار” لم تحترق قطعة الخشب لأن لفظ “النار” يدلّ على مدلول ذهني، فليس لفظ النار ما يحرق في الواقع، ولكنها النار عينها تحرق لا حروفها ولا لفظها.
وما في المصاحف كلام الله أنزله تعالى على محمد صلى الله عليه وسلم بمعنى أنه وحي الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم نزل به الروح الأمين جبريل عليه السلام، فالأحرف التي في المصاحف والمداد وهو الحبر الأزرق أو الأسود أو الأحمر الذي كتبت به الأحرف، والورق حيث الألفاظ المبتدأة والمختتمة، كل ذلك ليس صفة الله الذي لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء، فإن من أحرق مصحفاً والعياذ بالله لا يكون أحرق صفة من صفات الله، فلا يقبل العقل السليم ولا الشرع الشريف أن تكون الألفاظ والأحرف والأصوات هذا جميل وهذا قبيح، صفات لله.
الحرف والصوت صفة المخلوق، أما صفات الله فلا تتوجّه عليها كيفية ولا كمية لأن الله منزه عن الكيفية والكمية والحجم والحدّ والمقدار، الله لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيء، قال الله تعالى: “فلا تضربوا لله الأمثال” (سورة النحل، 74)، فكما لا نقول إن الله له حد أو حجم نعرفه، كذلك لا نقول إن الله تعالى له حد أو حجم لا نعرفه، ولكن نقول الحق وهو أن الحد والحجم صغيراً كان أم كبيراً إنما هو صفة المخلوق فقط، وما كان صفة للمخلوق لا يجوز أن يكون صفة للخالق عز وجل لأن الله خالق كل شيء ولا يجوز أن يشبه الخالق مخلوقاته سبحانه، والقرآن أثبت أن الله تعالى هو الغنيّ القيوم بالإطلاق سبحانه، لا يحتاج إلى شيء وكلّ شيء في أصل وجوده يحتاج إليه عز وجلّ، فالله من أسمائه المصوّر (بكسر الواو اسم فاعل) وكلّ ما سوى الله مصوّر (بفتح الواو اسم مفعول)، وهذا معنى كلمة “سبحان الله” أي تـنزه الله عن الكيف والصورة والهيئة والشكل والمكان والجهة والزمان لأن ذلك كله صفة المخلوق، فمن شبه الله تعالى بخلقه ولو في وجه من الوجوه، فقد أجاز على الله ما يجوز على المخلوق من هذا الوجه، وهذا عكس دين الإسلام، نسأل الله تعالى ببركة نبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم سلامة الدين والدنيا، آمين
والحمدلله تعالى، دعاكم أرجو لمن ينشرها