يجب بيان العقائد الاسلامية والاجتهاد في ذلك للحاجة الملحة هذا الزمن لكثرة الزيغ المنسوب إلى الاسلام والاسلام منه بريء، ثم إن بيان ما في الكتاب والحديث على طريقة أهل السنة والجماعة يورث العلم والتقوى لمن أنار الله قلبه، والخوض في عقائد أهل الزيغ والبدعة يورث الحيرة لمن أراد الله به شرا، فمن أراد السكوت عن الحق وكلامي للعموم لا تعريضا بأحد البتة فليسكت هو، إلا عن بيان الحق على طريقة علماء الأمة الذين اقتداء بالكتاب والسنة لم يسكتوا عن بيان الحق للناس، والسكوت عن الحق يقوي البدعة وهذا ليس سبيل الأنبياء والمرسلين، ولا هو سبيل الأولياء المرضيين، فمن سكت عن ذلك أو أمر بالسكوت عنه فاعلموا أنه إما جاهل يخاف أن ينفضح جهله فليتدرك نفسه بالعلم قبل الموت والسؤال في القبر والآخرة وتلك هي الفضيحة الكبرى، ولا يستحي من ذلك لأن الجهل أولى أن يستحي منه العقلاء، أو هو يعلم الحق ويسكت عنه فهو بالنص الثابت في رسالة القشيري “شيطان أخرس”، والأولى به الاقتداء بكتاب الله تعالى، قال الله تعالى “إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر” (سورة القمر)، والاعتقاد الصحيح هو ما رواه مسلم في صحيحه عن يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ عَنْ أَبِى الأَسْوَدِ الدِّئَلِىِّ قَالَ قَالَ لِى عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَشَىْءٌ قُضِىَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرِ مَا سَبَقَ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ، فَقُلْتُ بَلْ شَىْءٌ قُضِىَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ، قَالَ فَقَالَ أَفَلاَ يَكُونُ ظُلْمًا، قَالَ فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا وَقُلْتُ كُلُّ شَىْءٍ خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ فَلاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. فَقَالَ لِى يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنِّى لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلاَّ لأَحْزُرَ عَقْلَكَ، إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ أَشَىْءٌ قُضِىَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم “بَلْ شَىْءٌ قُضِىَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ “ونَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا” (سورة الشمس)