الحمدلله تعالى،
كثيرا ما تستدلّ الوهابية المشبهة الخارجة عن الحق لتحريم قراءة القرآن على موتى المسلمين، بقول الله تعالى “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” (سورة النجم، الآية 39)، واستدلالهم باطل،
والردّ عليهم بعون الله وفضله:
قال ابن عباس رضي الله عنه إن هذه الآية منسوخة بقول الله تعالى “وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ” (سورة الطور، الآية 21) ذكره في تفسير القرطبي (ت 671 هـ.)،
وفي تفسير القرطبي كذلك: “وقال الربيع بن أنس “وأن ليس للإنسان إلا ما سعى” أي الكافر، وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره”، اهـ. والربيع بن أنس هذا من أعيان التابعين من السلف الصالح توفي سنة 139 هـ. ولقي أنس بن مالك رضي الله عنه، قال الذهبي في سير أعلام النبلاء كان الربيع بن أنس عالم مرو في زمانه.
قال القرطبي بعد الذي نقله عن الربيع بن أنس رضي الله عنه، أن الإنسان هنا يراد به الكافر خصوصاً، قال: قلت وكثير من الأحاديث يدلّ على هذا القول وأن المؤمن يصل إليه ثواب العمل الصالح من غيره. اهـ.
أنظروا إلى خبث الوهابية تحمل هذه الآية الواردة في الكافر على ما قاله الربيع رضي الله عنه، تجعلها في المسلم والعياذ بالله تعالى،
وقال الإمام أبو منصور الماتريدي وهو من أعيان علماء السلف الصالح توفي سنة 333 رضي الله عنه، إن اللام هنا بمعنى على، فيكون معنى الآية أنه ليس على الإنسان إلا ما سعى، أتت اللام بمعنى على، فالجزاء على السيئة لا يكون إلا بالمثل قال الله تعالى “فلا يجزى إلا مثلها” (سورة الأنعام، الآية 160)، وجائز في اللغة أن تكون له بمعنى عليه كقوله تعالى “إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها” أي فعليها، أما المؤمن فالله تعالى يثيبه ويعطيه الزيادة على ما سعى بفضله وكرمه، قال الله تعالى “من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها” (سورة الأنعام، الآية 160)، (من تفسير الماتريدي).
وفي لسان العرب لابن منظور: “والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم” (سورة المؤمنون، الآية 5) قال الفراء (وهو أحد كبار اللغويين من السلف توفي سنة 207 هـ.) أراد على فروجهم يحافظون فجعل اللام بمعنى على”. اهـ.
وفيه: “وروى المنذري عن أبي العباس أنه سئل عن قوله عز وجل “إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها” أي عليها جعل اللام بمعنى على”.
واللام بمعنى على كذلك في قوله تعالى: “وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا” (سورة الكهف، الآية 100)، يدلّ على ذلك قول الله تعالى: “ويوم يعرض الذين كفروا على النار” (سورة الأحقاف، الآية 20).
فلا تصغوا للوهابية الجهلة وحذروا منها تدّعي كذباً أنها سلفية وهي في الحقيقة تحرّف كتاب الله وتكذب كلام النبيّ صلى الله عليه وسلم وكلام السلف الصالح رضي الله عنهم.
دعاكم لمن كتبها ولمن نشرها بالعافية في الدين والدنيا والآخرة ورؤية النبيّ صلى الله عليه وسلم