ومن وصَـفَ اللهَ بمعنًى (أي بصفةٍ) من معاني البشر فقد كفرَ،

Arabic Text By Jul 19, 2013

 


قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي (توفي سنة 321 للهجرة) بمصر رحمه الله: 
ومن وصَـفَ اللهَ بمعنًى (أي بصفةٍ) من معاني البشر فقد كفرَ، فمن أبصرَ هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلمَ أنه (تعالى) بصفاته ليسَ كالبشر.
والرؤيةُ حقٌّ لأهل الجنة بغير إحاطة ولا كيفية (تنزيه الله عن الكيفية مطلقاً يكرّره الإمام الطحاوي على أنه مذهب أهل السنة والجماعة، لا كما يقول أتباع ابن تيمية إن لله كيفية وصورة وحداً لا نعرفها، كلامهم كفر وضلال وتشبيه لله بخلقه) كما نطق به كتاب ربنا “وجوهٌ يومئذ ناضرة إلى ربّها ناظرة” (القيامة، 22 و23)، وتفسيره على ما أراده الله تعالى وعَلِمَه، وكلّ ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كما قالَ ومعناه على ما أرادَ، لا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا (التأويل بالرأي هو المذموم كما ينص الطحاوي، اما تأويل أهل العلم فلا بأس به كما فعل السلف الصالح) ولا متوّهمين بأهوائنا، فإنه ما سلم في دينه إلا من سلَّم لله عزّ وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ورَدَّ عِلْمَ ما اشتبهَ عليه إلى عالمه..
الشرح: قول الإمام الطحاوي رحمه الله “ومن وصف الله بصفة من صفات البشر فقد كفر” واضح في بيان أن إجماع السلف من أهل السنة والجماعة على أن إضافة أي صفة من صفات المخلوقين إلى الله ضلال مبين، وعند التفصيل معنى هَذا أنّ الذي يقولُ عن الله إنّهُ مُتّصِفٌ بصِفَةٍ مِنْ صِفاتِ البشَرِ فَهو كافِرٌ مَا عرف الله لأنّهُ كذَّبَ القُرآن، قال الله تَعالى:” لَيسَ كمِثلِه شَيءٌ “. 
فهذا الشّخصُ الذي يصف الله بصفة من صفات البشر كالكيفية والشكل والهيئة والصورة والمكان أَثبَتَ للهِ مِثْلاً وشبيهًا. 
الذي يقُولُ عن اللهِ إنّهُ مُتّصِفٌ بصِفَةٍ مِن صفاتِ البشَرِ كالمكان والتحيّز والحركة والسكون كذَّبَ قَولَ الله تعالى:” ليسَ كمِثلِه شَيء” وأَثبَت المثلَ لله فلذلكَ قال عنه الطحاوي كافر.
أوّلُ صِفَةٍ مِن صفاتِ البشَرِ الحدوثُ أي الوجودُ بعدَ عَدَم. هذا لا يجوزُ على الله، الله تعَالى ليسَ مَوجُودًا بَعدَ عَدَم فلا يُقالُ هوَ خَلَقَ نَفسَهُ، لأنّ الله تعالى لا ابتداءَ لوجُودِه، كذلك لا يُقالُ إنّ شَيئًا غَيرَهُ أَوْجَدَهُ، بل يُقالُ الله مَوجُودٌ بذاتِه، يعني لم يخَلقَه شَىءٌ غَيرُه ولا هوَ خَلَقَ نَفسَه. الله مَوجُودٌ بلا ابتداءٍ، هذا مَعنى مَوجودٌ بذاتِه. الله ليس محدثًا بعد عدم.
بَعضُ الناس مِن جَهلِهم بخالقِهم يقُولونَ هوَ خَلَق نفسَه، فيكونونَ ضلوا لأنهم جعلوا الله مخلوقاً.
أوّلُ صِفاتِ البشَر هيَ الحدوث، ثم بعدَ ذلك اتّصَفَ بصفاتٍ عدِيدةٍ منها اللّونُ ومنها التّطَوّرُ ومنها الحركةُ والسُّكون، ومنها الانفِعالُ. نحنُ نَنفَعِلُ إمّا إلى الفَرَح وإمّا الى الحَزَن، أما اللهُ تَعالى فمُنزَّهٌ عن الانفِعالِ. 
كذلكَ مِن صِفاتِ البشَرِ التأثّر، التَّأثّرُ هوَ الإحسَاسُ بألمٍ أو بلَذّةٍ فاللهُ مُنزّه عن هذا. 
رِضَا الله تَعالى ليسَ كرِضَا المخلوقينَ ليسَ انفِعالاً ولا تأثُّرًا، وسَخَطُه وغَضَبُه كذلكَ ليسَ انفِعالاً بل صِفةٌ أزليّةٌ أبديةٌ،إنما اللّفظُ يُقالُ لغَضَبِ الله غَضَب ولِرِضاه رِضا، ولغَضبِنا غضَب ولرِضَانا رِضا، اللفظُ مُتّفِقٌ أمّا المعنى فهو مختَلِفٌ. 
الله تبارك وتعالى لا يتّصِفُ بصفةٍ مِن صِفاتِ البشَر، فمَنْ وصَفَهُ بصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ البشَر فقَد كفَر بإجماع السلف كما قال الطحاوي رحمه الله، فاعْرِفُوا هذا واعتَقِدُوه.
أنشروه دعاكم

Sent from my iPhone