“*أيّما امرأةٍ خرجَت متعَطّرةً فمَرّت بقَومٍ ليَجِدوا ريحَها فهيَ زانيَة*”
قال شيخنا رحمه الله
526-الولدُ الذي خُلِق مِن ماء الزّنا أمُّه تَرثُه إن مَات وهو يرثُها إن ماتَت وهو بالنّسبة لإخوَته مِن أُمِّه محرَم،
527-قول “*في العالمينَ إنّكَ حمِيدٌ مجِيد*” ورَد عن رسول الله في الصلاةِ الإبراهيميّة وورَد بدونِ لَفظ “*في العَالمين*”.
528-رجلٌ قالَ لشَخص اللهُ لا يَسمَع منك، قَصْدُه لا يَقبَلُ اللهُ منكَ دُعاءك عليَّ، هذا ما فيهِ كُفر.
529-إذا رجلٌ أَجْرَى على امرأةٍ عَقدًا بعدَما حمَلت مِن زنى ثم ما ولدَت إلاّ بعدَ أكثرَ مِن سِتّةِ أشهُر كثمانيةِ أشهُر، هنا لا يُحكَم على هذا الولدِ بأنّهُ منَ الحَملِ الذي ظهَرَ منها قبلَ أن يُجرِي هذا الشّخصُ عَقدَ النّكاح عليها، بل يُقالُ هذا جاءَ لوَقتٍ يُمكِنُ أن تلِدَ فيه المرأةُ مِنَ الشّخص وهو ستّةُ أشهُر فما فَوق، لا يُحكَم عليه بأنّهُ ابنُ زنى، هذا يُغَلَّبُ عليه حُكمُ النّكاح فيُجعَلُ هذا الولدُ للنّكاح ، وأمّا أثَرُ الحملِ الذي كانت تَراهُ يُقالُ يَجوزُ أن يكونَ هذا نَفخَةَ الجِنّ، الجِنُّ أحيانًا يَدخُلونَ في جَوف المرأةِ فيَنفُخونَ بَطنَها ولَيسَ هناكَ حَمْل.
والله أعلم
530-الحمد لله ربّ العالمين له النّعمةُ ولهُ الفَضل ولهُ الثّناءُ الحسَن صلواتُ الله البر الرَّحيم والملائكةِ المقرّبين على سيّدنا محمَّد أشرف المرسلين وخاتم النّبيّين، صلواتُ الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وبعدُ فإنّ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “*أيّما امرأةٍ خرجَت متعَطّرةً فمَرّت بقَومٍ ليَجِدوا ريحَها فهيَ زانيَة*” هذا الحديثُ رواه ابنُ حِبّان وغيرُه بإسنادٍ صَحيح تفسيرُه أنّ المرأةَ إذا خرَجَت متعَطّرةً فمرّت بالرّجال ليَجِدُوا ريحَها أي للتّعرض لهم فهي زانيةٌ أي تُشبِه الزانيَة، ليس المعنى أنها زانيةً حقِيقةً إنما للزّجْر، اللهُ تبارك وتعالى أوحَى إلى نَبِيّه أن يقولَ هذا اللفظ. “*وكُلُّ عَينٍ زانيَة*” المعنى أنّ أغلَب البشَر لا يَخلُون عن نَظرة الشّهوة المحرّمَة، أطلَق رسولُ الله على هذه النظرةِ المحرّمَةِ لَفظَ الزّنا لأنّ النّظَر مقدّمَةٌ إلى الزّنا لا لأنّ النّظَر بشَهوةٍ إثمُه إثمُ الزّنا الحقيقيّ بل فَرقٌ بَعِيدٌ بينَ هذا وذاكَ لأنّ هذا تُكفّرُه وتمحُوه أيّةُ حسَنةٍ كذلكَ سائرُ الصّغائر، فعلِمنا مِن هَذين الحديثَين أنّ مُرادَ رسولِ الله التّشبيه للزّجر، أمّا الزّنى الحقيقيُّ فهو مِن أكبر الكبائر، فيؤخذ مِن هذا الحديث أنّه إن كانَ قَصد المرأة بتَطيُّبِها التّعرّضَ للرّجال فهو معصية، ويؤخَذ منه أنه إذا لم يَكن لذلكَ فلَيس معصيةً،. فإن كان قصدُها مِن التّطيّب التّعرّضَ للرّجال فهو ذَنبٌ مِنَ الصّغائر وليسَ مِنَ الكبائر لأنّ هذا منَ المقدّمات،.
والزّينَةُ حُكمُها قال الفقهاءُ إنها إن كانَت تزَيّنَت المرأةُ فخَرجَت بنيّةِ التّعرّض للرّجال فذلكَ حَرام،
أمّا الزّينةُ المذكورةُ في القرءان على وَجْهَين قال الله تعالى: ﴿ولا يُبْدِيْنَ زِيْنَتَهُنَّ إلاَّ ما ظهَرَ مِنْهَا﴾ هذا موضِع، وهناك موضِعٌ آخرُ بعدَ هذه بقليل ﴿ولا يُبْدين زينَتَهُنَّ إلاّ لبُعُولَتِهِنَّ أو ءابائِهِنّ﴾.
الزّينةُ هنا معناهُ شىءٌ وهناكَ معناها شىءٌ، أمّا قولُه تعالى: ﴿ولا يُبْدِيْنَ زِيْنَتَهُنَّ إلاَّ ما ظهَرَ مِنْهَا﴾ أي لا يُبدينَ مواضِعَ الزّينَة مِن أجسَادهِنّ إلا ما ظهَر أي إلاّ ما يُحتاجُ لإظهاره وهو الوجهُ والكفّان لأنّ المرأةِ بحَاجةٍ إلى أن تُظهِر أمامَ الرّجال الأجانب كفّيْها ووجْهها لذلك هذا ليسَ فيه معصية، هذا معنًى مِن معاني الزّينة أمّا الموضع الثاني: ﴿ولا يُبْدين زينَتَهُنَّ إلاّ لبُعُولَتِهِنَّ﴾ المرادُ بالزّينة هنا الزّينَةُ الباطنةُ كالنَّحْر والصَّدْر والعَضُد، كلُّ ما سِوى الوجه والكفّين مِن جسَدها،. القرءانُ ذَكَر الزّينَة وأرادَ بهِ موضِع الزّينة منَ الجسَد، هنا في الآيتَين ليسَ المعنِيّ بالزّينة الزّينَةُ الخارجيّةُ التي تستَعملُها النّساء، الجسَدُ اللهُ تعالى سمّاهُ زينَة في مَوضِع أحَلّه وهو الوجهُ والكَفّان، هذا كشْفُه أحَلّه وهناكَ زينَة باطنةٌ وهيَ ما سوى ذلكَ مِن جسَدِها، هنا ليسَ المرادُ في هذين الموضعين التّزين بالثّياب والحُلِيّ بل المرادُ بالزّينة في الموضع الأول
الوجه والكفّان لأنّ الوجهَ موضعُ الزّينة والكفّان موضعُ الزّينة فاللهُ أحَلّ إبداءَهُما للمرأة لأنّ المرأة تحتاجُ إلى ذلك،.
والموضعُ الثّاني ذكرت الزّينة فيه والمرادُ ما سوى الوجه والكفّين منَ الجسَد وهو النّحر والصّدر والعضُد والسّاق هذه لا يَحِلُّ إبداؤُها إلاّ أمامَ الأزواج والآباء ومَن في حُكمِهم كأبنائهنّ وكبَني إخوتِهنّ أو بني أخواتِهنّ وسائر المحارم هذا معنى الزّينة.
س: والآية ﴿ولا تَبَرّجنَ تَبرُّجَ الجَاهلِيّة الأولى﴾؟
ج: هذا معنى الزّينة، أمّا حُكم الزّينة الخارجيّة كالتّزين باللّباس الفاخِر والحليّ هذا حكمُه نصّ عليه الفقهاءُ قالوا إن كانَ قَصدُها التّعرّضُ للرّجال في خُروجها متزيّنةً حرام أمّا إذا لم يكن ذلكَ قَصدُها فليسَ بحَرام، هذا حُكمُ الزّينةِ الخارجيّة التي هيَ ليسَت مِن أجزاء الجسم،. وهذا أي التّزين حكمُه كالتّطيّب بالنّسبة للمرأة، إذا لم يكن قصدُها به التّعرّض للرّجال فهو مكروه والكراهة معناها لو تركَت لوجه الله ذلكَ كان لها ثوابٌ وإن فعلَت فليس عليها ذنب.
وهذا القولُ هو الذي تَنطبق عليه النّصوص الشرعية وأقوال الفقهاءِ منَ المذاهب الأربعَة،
كذلكَ قولُه تعالى: ﴿ولا يَضربنَ بأَرجُلِهِنّ ليُعْلَم ما يُخفِيْنَ مِن زِيْنَتِهِنَّ﴾ هذه الآيةُ فيها النّهيُ للنّساء عن استعمالِ الزّينة في أرْجلهِنّ للتّعرّض للرّجال، هذا حرّمَه القرءانُ بهذه الآية،
أمّا إذا لبِسَت المرأَةُ خَلاَخِلَ ذهبِيّة جائزٌ حَلال لكن إن فعلت هذا للتّعرّض للرّجال حرامٌ لذلكَ الله تبارك وتعالى قيّدَ بالآية النّهيَ بقوله: ﴿ليُعْلَم ما يُخفِيْنَ مِن زيْنَتِهِنَّ﴾.
فلَو كانَ الأمرُ كما يَزعُم بعضُ الناس أنها لو خرَجَت متعَطّرةً لو لم يكن قصدُها التّعرّضَ للرّجال حرام، لو كانَ الأمرُ كذلك الرَّسولُ ما ترَك نساءه حين خَرجْنَ معَه إلى مكّةَ يتضَمّخْن بالمسك ثم إذا عرقَت إحْداهُنَّ يَسيْلُ على وجْهها هذا المسكُ فيَرى ذلك الرَّسولُ ولا يَنهَاهُنَّ، هؤلاء الذين يحرّمون التطيّب للمرأة على الإطلاق كأنهم يقولونَ يا رسولَ الله نقصَك شَىءٌ منَ المعرفة،.
قالت عائشةُ كنّا نخرُج إلى مكّة للإحرام فنُضَمِّخُ جِبَاهَنا بالمِسك فكانت إحدَانا إذا عَرِقَت سالَ على وجْهِها ويرى ذلكَ رسولُ اللهِ فلا يَنهانا،
فبَعدَ حديثِ رسولِ الله لم يَكذِبُون على رسولِ الله، حاوَلوا أمرَين لدَفع الحقّ أحَدُهما قولُهم إنّ هناكَ روايةً “*فمَرّت بقَومٍ ووجَدُوا ريحَها*” ليُنَفّذوا رأيَهم الفاسد ولا وجودَ لهذه الرّواية،هذه الروايةُ موضُوعة، والمعنى الآخَر قالوا ليَجِدوا ريحَها هذه اللاّمُ لامُ العاقبَة كاللاّم التي في قولِه تعالى: ﴿التَقَطَه آلُ فرعَونَ لِيَكُونَ لهُم عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾. أي ليَكونَ في المستَقبَل لهم عَدُوًّا وحَزَنًا. فإن قالوا هذه لامُ العاقبة فماذا يفعلُون بحديث عائشة الذي رواه أبو داوود في سننه والبيهقي أنّ الرَّسولَ كانَ يَسمَحُ لنِسائه أن يَتَضَمَّخنَ بالمسك عندَما يَخرُجْنَ معَه إلى مكةَ للإحرام، والإحرامُ يكونُ خارجَ المدينة بأبيار عليّ بذِي الحُلَيفة هناك الرَّسولُ أحرَم ونساؤه هناكَ أحْرَمْن،
ونساءُ الرَّسولِ كُنّ يَطُفْنَ معَ النّاس ما كُنّ يَطُفنَ لوَحدِهنّ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:“*المسْكُ أَطيَبُ الطِّيْب*رواه أحمد وابن حبان والنسائي” (أي أحسَنُ الطّيب) أحلَى أنواع الطّيْب، قال الفقهاءُ الشّافعيّة مِن سُنَن الإحرام التّطَيّب للرّجال والنّساء. فأينَ يَذهَب هذا الذي افترى على الرَّسولِ فقال تُوجَد روايةٌ فوجَدوا ريحَها، وقولُه إنّ اللاّمَ هنا ليَجِدُوا ريحَها هذه اللامُ لام العاقبَة،. فاللاَّم المذكورةُ هيَ لامُ كي لامُ التّعلِيل.
الإمامُ أحمد بن حنبل الذي هوَ مِثالُ الورَع قال يجُوز للمرأة الحُمرَةُ وغيرُها مِن أنواع الزّينَة مع الكراهة.
أمّا لو تَزيّنت المرأةُ وكانَت في مَجلِس كُلُّه نِساء فليسَ هناكَ كرَاهَة.