المعجزة

Arabic Text By Jul 19, 2013

 

 

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

ما يجبُ للأنبياءِ وما يستحيلُ عليهم

يجبُ للأنبياءِ الصّدْقُ ويستحيلُ عليهم الكَذبُ،وتجِبُ لهمُ الفَطَانَةُ ويستحيلُ عليهمُ البَلادَةُ والغَباوةُ، وتجبُ لهم الأمَانَةُ.فالأنبياءُ سالمونَ من الكفرِ والكبائرِ وصغائرِ الخِسَّةِ وهذه هي العِصْمَةُ الواجبةُ لهم،

ويستحيلُ عليهم الخيانةُ، ويجبُ لهم الصّيانةُ فيستحيلُ عليهم الرَّذالَةُ والسَّفاهةُ والجُبنُ، وكلُّ ما ينفّر عن قبول الدعوة منهم، وكذلك يَستحيلُ عليهم كلُّ مرَضٍ مُنَفّرٍ.فمن نسبَ إليهِمُ الكذبَ أو الخيانةَ أو الرَّذالةَ أو السَّفاهةَ أو الجُبْنَ أو نحوَ ذلك فقد كَفَرَ

المعجزة

اعلم أنَّ السَّبيلَ إلى معرفةِ النَّبي المُعجزةُ

وهي أمرٌ خارِقٌ للعادةِ يأتي على وَفْقِ دَعْوَى من ادَّعَوا النُّبوة سَالِمٌ مِنَ المُعَارَضَةِ بالمِثلِ.فما كانَ من الأمورِ عجيبًا ولم يكن خارقًا للعادةِ فليس بمعجزةٍ.

وكذلكَ ما كانَ خارقًا لكنّه لم يقترن بدعوَى النّبوةِ كالخوارقِ التي تظهرُ على أيدي الأولياءِ أتباعِ الأنبياءِ فإنَّهُ ليسَ بمعجزةٍ بل يُسَمَّى كرامةً.وكذلك ليسَ من المعجزةِ ما يُستَطاعُ معارضَتُهُ بالمثلِ كالسّحرِ فإنّهُ يُعارَضُ بسِحْرٍ مثلِه.والمعجزةُ قِسْمَانِ قسمٌ يقعُ بعدَ اقتراحٍ مِنَ الناسِ على الذي ادَّعَى النّبوةَ،

وقسمٌ يقعُ مِن غيرِ اقتراحٍ.فالأَوّلُ نحوُ ناقةِ صالحٍ التي خَرَجَت من الصَّخرةِ. اقترحَ قومُه عليهِ ذلكَ بقولِهم إن كنتَ نبيًّا مبعُوثًا إلينا لِنُؤمِنَ بكَ فأخرجْ لنا من هذه الصَّخرةِ ناقةً وفصيلَها فأخرجَ لهم ناقةً معَها فصِيلُها أي ولدها فاندهَشُوا فآمنوا به لأنّهُ لو كَانَ كاذبًا في قولِهِ إنَّ الله أرسلَهُ لم يأتِ بهذا الأمرِ العجيبِ الخارقِ للعادةِ الذي لم يَستطع أحدٌ من النَّاسِ أن يعارضَهُ بمثلِ ما أتى به، فَثَبَتَت الحُجَّةُ علَيْهِم ولا يَسَعُهُم إلا الإذعانُ والتَّصديقُ لأنَّ العقلَ يُوجبُ تصدِيقَ من أتَى بمثلِ هذا الأمرِ الذي لا يُسْتَطاعُ معارضَتُهُ بالمثل مِن قِبَلِ المعارضينَ،

فمن لم يُذعِنْ وعاندَ يُعَدُّ مُهْدِرًا لقِيمةِ البُرهانِ العقليّ

من المعجزاتِ التي حصلَتْ لِمَنْ قَبْلَ سيّدِنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم

ومن أمثِلَةِ المعجزاتِ التي حَصَلَتْ لمن قبلَ محمَّدٍ عدَمُ

تأثيرِ النّار العظيمةِ على إبراهيمَ حيثُ لم تُحْرِقْهُ ولا ثيابَهُ.ومنها انقلابُ عَصَا موسَى ثُعبانًا حَقيقيًّا ثم عودُها إلى حالتِها بعدَ أن اعترفَ السحَرةُ الذين أحضرَهُم فِرعونُ لمعارضتِه وأذعَنُوا فآمنوا بالله وكفروا بفرعونَ واعترَفُوا لموسى بأنَّهُ صادِقٌ فيما جَاءَ بهِ.ومنها ما ظَهَرَ للمسيحِ من إحياءِ الموتَى وذلك لا يُسْتَطاعُ مُعارضَتُه بالمِثلِ فلم تسْتَطِعِ اليَهودُ الذين كانوا مُولَعِينَ بتكذيبهِ وحَريصينَ على الافتراءِ عليه أن يعارِضُوهُ بالمِثلِ. وقد أتى أيضًا بعجيبَةٍ أخرى عظيمةٍ وهي إبراءُ الأكْمَهِ فلم يستطِعْ أحَدٌ من أهلِ عصرِهِ معارضَتَهُ بالمِثلِ مع تَوفُّرِ الطِبّ في ذلك العصرِ، فذلك دليلٌ على صِدْقِهِ في كلّ ما يُخبِرُ به من وجوبِ عبادَةِ الخالقِ وحدَهُ من غيرِ إشراكٍ بهِ ووجوبِ متابعتِه في الأعمالِ التي يأمُرُهم بها

من معجزاتِه صلى الله عليه وسلم

وأمّا محمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فمِن معجزاتِهِ صلى الله عليه

وعلى جميعِ إخوانِه الأنبياءِ وسلم:


حنِيْنُ الجِذْعِ:

وَذَلِكَ أنَّ النبيَّ1صلى الله عليه وسلم كان يَسْتَنِدُ حينَ يَخطُبُ إلى جِذْعِ نَخْلٍ في مسجِده قبلَ أن يُعمَلَ له المنبرُ، فلمَّا عُمِلَ له المِنْبَرُ صَعِدَ صلى الله عليه وسلم عليه فبدأَ بالخُطبَةِ وهو قائمٌ على المنبرِ فحَنَّ الجِذْعُ حتّى سمِعَ حنِينَه مَنْ في المسجد، فنزلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فالتزَمَهُ  أي ضَمَّه واعتنقَه فسَكَتَ.ومن معجزاتِهِ صلى الله عليه وسلم إنطَاقُ العَجْماءِ أي البهيمةِ. روى الإمامُ أحمدُ2والبيهقيُّ3 بإسنادٍ صحيحٍ4 من حديثِ يَعْلَى بنِ مُرَّةَ الثَّقَفيّ قال: بينما نسيرُ معَ النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرَّ بنا بعيرٌ يُسْنَى عليه5 فلمَّا رءاهُ البعيرُ جَرْجَرَ6فوضَعَ جِرانَهُ7فوقَفَ عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فقال أينَ صاحبُ هذا البعيرِ فجاءَهُ فقالَ بِعنِيْهِ“، فقال:بل نَهبُهُ لكَ يا رسولَ الله وإنَّه لأهلِ بيتٍ ما لَهُمْ مَعِيشةٌ غيرُه

فقال النبيُّ

أمّا ما ذكرتَ من أمرِه فإنّه شكَا كثرةَ العملِ وقِلَّة العَلفِ فأحْسِنُوا إليه.وأخرجَ ابنُ شاهينَ في دلائلِ النبوَّةِ عن عبدِ الله بنِ جعفرٍ قال أردَفَني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم خلفَهُ فَدَخَلَ حائطَ 8 رجلٍ من الأنْصارِ فإذا جَمَلٌ فلمّا رأى النَّبي صلى الله عليه وسلم حَنَّ فذرَفَتْ عيْنَاهُ فأتاهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فمسَحَ ذفَريه9 فسَكنَ، ثمَّ قالَ “من ربُّ هذا الجملِ“؟ فجاءَ فتًى من الأنصار، فقالَ هذا لي، فقالَ ألا تَتَّقي الله في هذه البهيمةِ التي ملَّكَكَ الله إيَّاها فإنَّه شَكَا إليَّ أنّكَ تُجيعُهُ وتُدْئِبُه10. وهو حديثٌ صحيحٌ كما قالَ المحدّثُ مُرْتضى الزبيديُّ في شرحِ إحياءِ علومِ الدّين11.ومنها تفجُّرُ12الماءِ من بينِ أصابعِهِ بالمشاهدةِ في عدَّةِ مواطِنَ في مشاهِدَ عظيمةٍ وَرَدَتْ من طرُقٍ كثيرةٍ يُفيدُ مجموعُها العِلْمَ القطعيَّ المستفادَ من التَّواترِ المعنويّ13 ولم يَحصُلْ لغيرِ نبيّنا حيثُ نبعَ من عَظْمِهِ وعصَبِهِ ولَحمِهِ ودَمِهِ وهو أبْلَغُ من تفجُّرِ المياهِ من الحجرِ الذي ضرَبَهُ موسَى

لأنّ خروجَ الماءِ من الحجارةِ معهودٌ بخلافِهِ من بين اللحمِ والدَّمِ. رواهُ جابرٌ وأنسٌ وابنُ مسعودٍ وابنُ عبّاسٍ وأبو ليلى الأنصاريُّ وأبو رافعٍ.

 

1) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام.

2) مسند أحمد بن حنبل (4/173).

3) دلائل النبوة (6/23).

4) أخرجه الحاكم في المستدرك (2/618) وقال “هذا حديث صحيح الإسناد” ووافقه الذهبي.

5) أي يحمل عليه الماء.

6) أي أصدر صوتًا من حلقه.

7) أي مقدم عنقه.

8) أي بستان.

9) في النهاية في غريب الحديث (2/161): الذفر أصل أذن البعير”.

10) أي تتعبه.

11) إتحاف السادة المتقين (2/206).

12) إتحاف السادة المتقين (2/207).

13) الذي تواتر معناه ولم يتفق رواته على لفظ واحد.

إضغط على الرابط وأسمع

فضيلة الشيخ الدكتور نبيل الرفاعي الازهري

*** أَخْلِصُوا النِيَّةَ للهِ بِسَماعِكُم الدَرْسَ وبِنَشْرِ عِلْمِ الدِين ***

 

 

https://ia601806.us.archive.org/18/items/Al-Surat-Al-Mustakim-Sh-Dr-Nabil-2012-28-AFTER-ramdan/14-09-2012.mp3

 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

الله أعلم وأحكم

الدال على الخير له مثل اجر فاعله

انشروا علم وعقيدة اهل السنة والجماعة

لله تعالى