فوائد نفيسة رحم الله من نشرها ورحم الله من علمنا هذه الجواهر،
الحمدلله، رضا الله عز وجل وغضبه ليس كرضا البشر وغضبهم، رضا الله عن العبد معناه أن الله يوفق هذا العبد لطاعتهوحسن عبادته، وأن الله يريد إكرامه، وأما غضب الله تعالى فمعناه أن الله لا يريد بهذا العبد خيراً فيخذله ولا يوفقه إلىطاعته لبعد هذا العبد عن مواطن الخير وابتغائه مواطن الشر، وكلّ ما يفعله العباد سواء في ذلك المؤمن منهم والكافر فهوبعلم الله وقدرته ومشيئته وخلقه، الله غالب على أمره سبحانه،
فالخير بخلق الله وأمره ورضاه، والشر بخلق الله لكن لا بأمره ولا برضاه، سبحانه كما وصف نفسه في كتابه الكريم فقال”لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون” (سورة الأنبياء، الآية 23)، لأن الله هو المالك الحقيقي لكلّ شيء يستحيل عليه سبحانهالظلم كما يستحيل عليه سائر صفات النقص، أما نحن فمملوكون لله الخلاق الذي بيده مقادير الأمور كلها وهو يدبر الخلقحسب علمه الأزلي، لا يتجدّد له تعالى علم ولا مشيئة ولا قدرة لأن صفاته صفات كمال أزلاً وأبداً،
كذلك لا يجوز اعتقاد التغيّر في ذات الله ولا في صفة من صفات الله، لأن المتغيّر حادث مخلوق ولا بد له من شيء غيّره منحال إلى حال، وما كان كذلك كان محدثاً مخلوقاً، والله تعالى خالق غير مخلوق،
ومتى علم وفهم ذلك، عرفنا أن قول الله تعالى “الرحمن على العرش استوى” (سورة طه) ليس استقراراً ولا قعوداً ولا جلوساًبعد وقوف أو نوم أو تعب نعوذ بالله، ولا هو اعتدال بعد اعوجاج، وقد أكذب الله تعالى اليهود في قولهم إن الله جلس علىقفاه واستراح بعد خلقه السموات والأرض، قال تعالى “وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْلغُوبٍ” (سورة ق، 38)، فعلمنا من ذلك أن من وصف الله بالجلوس والاستقرار فقد أشبه دينه دين اليهود المشبهة لله بخلقه،وكلامهم مردود بكلام الله عز وجل الذي وصف نفسه سبحانه فقال “ليس كمثله شيء” (سورة الشورى، الآية 11)،
والجواب رداً على من خرجوا من نجد من حيث يطلع قرن الشيطان بنص حديث البخاري رحمه الله في الصحيح، نقولبتوفيق الله تعالى ما ذكره الإمام مالك رضي الله عنه حين سئل عن الاستواء قال: “وكيف عنه مرفوع”، ومثله قول أمّ سلمةزوج النبي صلى الله عليه وسلم: “والكيف غير معقول”، أي لا يجوز على الله، رواهما الحافظ ابن حجر العسقلاني فيشرحه على صحيح البخاري،
الجلوس والقعود والاستقرار والحركة والسكون والاعتدال بعد اعوجاج، هذه من صفات البشر والبهيمة، وهي غير لائقة باللهالواحد القهار سبحانه لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر، سبحانه جلّ عن الشبيهوالنظير، هو استواء بلا كيفية فالله منزه عن الكيفية والهيئة والصورة والشكل، مهما تصوّرت ببالك فالله بخلافذلك، وهو معنى ومفهوم منطوق قول الإمام مالك رضي الله عنه بالإسناد الصحيح المتصل “وكيف عنه مرفوع”، رواه البيهقي
ولكن الاستواء صفة كمال أضيفت إلى الله تفيد تمام المُلك والغلبة لله الواحد القهار، قال الله تعالى: “وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ”،فمن قال إن الله محتاج إلى العرش أو جالس على العرش لم يعرف الله تعالى، قال الله عز وجل: “فإن الله غنيّ عن العالمين”،وهل فات هذا القائل أن الله خالق العرش!!! وهل يحتاج ربنا إلى عرش وهو الملك القدوس قبل خلق العرش!!!، نعوذ بالله منالضلال بعد الهدى،
دعاكم لمن كتبها ولمن نشرها، آمين
ن