ولا يثبت قدمُ في الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام
قال العلامة حجة الإسلام أبو جعفر الوراق الطحاوي (توفي سنة 321 للهجرة) بمصر رحمه الله:
ولا يثبت قدمُ الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام (فمن اعترض على الله أو على ما هو مجمَع عليه معلوم من الدين ضرورة أنه من الإسلام، فلا إسلام له). فمن رامَ (أي طلب) عِلْمَ ما حُظِر (مُنع) عنه علمُه ولم يقنع بالتسليم فهمُه، حَجبه مَرامُه عن خالص التوحيد وصافي المعرفة وصحيح الإيمان (وهذا ينطبق على جماعة ابن تيمية المشبهة وغيرهم ممن اعتقدوا في الله ما لا يجوز من الجسمية والمكان والكيفية والصورة والعياذ بالله تعالى)، فيتذبذبُ بين الكفر (أي الكفر ببعض القرآن لتكذيبه قول الله تعالى “ولم يكن له كفوًا أحد”) والإيمان (أي وإن آمن بأشياء أخرى من الدين كالبعث والقيامة، لكن لا ينفعه ذلك ولا يكون مؤمناً لتكذيبه ما هو من أصول عقيدة الإسلام)، والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار، موسوسًا تائهًا، زائغًا شاكًا، لا مؤمنًا مصدقًا، ولا جاحدًا مكذبًا.
ولا يصحّ الإيمان بالرؤية (أي رؤية الله بلا كيف ولا مكان) لأهل دار السلام (يعني المؤمنين بعد دخولهم الجنة) لمن اعتبرها منهم (أي من الكافرين المشبّهين لله بخلقه) بوهمٍ (دليل على تنزيه الله عن مشابهة المخلوقات)، أو تأوّلها بفهمٍ (أي على معنى فاسد مضادّ للدين)، إذ كان تأويلُ الرؤية وتأويلُ كلّ معنى يُضاف إلى الربوبية بترك التأويل (أي بالوهم والخيال وقياس الخالق على المخلوق، وإلا فالتأويل بعلم ثابتٌ كما في دعوة النبيّ صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنه “اللهم علمه الحكمة وتأويل الكتاب” رواه ابن ماجه) ولزوم التسليم، وعليه دين المسلمين (أي وما خالف ذلك فهو سبيل الهلاك، نسأل الله السلامة، آمين). انتهى